د. أسامة الفاعوري
...تقول بيانات البنك الدولي أن الانتخابات تلعب دوراً سلبياً في الاقتصاد ككل، وأن الإقتصاد يصبح أبطأ وارقامه تنحدر بشكل ملحوظ، وهذا الفرق بالطبع يختلف ما بين الدول المتقدمة والدول النامية، وصناعة السياحة كجزء أساس من الاقتصاد الكلي للدول التي تعتمد على هذه الصناعة بشكل كبير تتأثر أيضاً، ولكن على الجانب الآخر، هنالك من يقول أن هذه الانتخابات لا تؤثر على صناعة السياحة لا من قريب أو من بعيد، وهؤلاء يستندون على حجة مفادها « أن السّياح القادمين الى بلد ما، لقضاء إجازاتهم وعطلاتهم السياحية، لا تكون قراراتهم مبنية على أساس سياسي، وإنما على ما هو متاح لهم في هذه المقاصد، وعلى أين يذهبون وماذا يشاهدون».
...ما يهمنا في الانتخابات البرلمانية في الأردن، هو ما محتوى برامجها الانتخابية والتي تُركّز على القطاع السياحي وصناعته، وكيف تخطط مثل هذه البرامج لتطوير وتنمية القطاع السياحي، وما هي السياسات في برامجها فيما يخص ذلك، وهل هنالك خبراء في هذه الكتل لمحاولة نشل القطاع السياحي مما هو فيه، وهل هنالك إستراتيجيات سياحية مبدعة وخلاّقة في هذه البرامج، وهل هذه البرامج تُركّز على الفائدة الجماعية أم الفردية لإصحاب هذه الكتل، فيما يخص المحاصصة وتوزيع المشاريع والعطاءات عليها.
...ولكن على القطاع السياحي ايضاً تقع المسؤولية الكبرى، لماذا العاملون في هذا القطاع لا يشكلّون مجموعات ضغط في المحافظات التي تعتبر مقاصد سياحية من الدرجة الأولى، وهي غنية في عوامل الجذب بكافة أنواعها، ويطالبون الكتل بتوضيح برامجها فيما يخص القطاع السياحي والسبل الكفيلة بانعاشه وتطويره، وجب على جميع المحافظات التكاتف فيما بينها وانتخاب الكتل التي سوف تكون صناعة السياحة من أولوياتها الرئيسة، وأنصح الكتل النيابية التي سوف تُشّكل بعد خروج النتائج النهائية، أن تضع نُصب عينيها وضع برنامج سياحي متكامل، حتى تستطيع جذب اصحاب هذه الصناعة وعائلاتهم اليها في المستقبل، فيما لو كان اختيار الحكومة البرلمانية على اساس برامجي.
...ولتوضيح هذا الأمر وأهميته بشكل جلّي، نأخذ كمثال الأحزاب في المملكة المتحدة، فقد قدمت هذه الأحزاب في برامجها الدعم الكامل للقطاع السياحي، فحزب المحافظين البريطاني وعد أن يسّرع في عملية إصدار الفيزاء السياحية، والاستثمار في البنية التحتية بالاضافة الى توظيف العديد من المتدربين في القطاع السياحي، أما حزب الخضر فقد وعد بتخفيض قيمة الضريبة المضافة على القطاع السياحي من-الى (20-5%)، واما حزب الديمقراطيون الأحرار فقد وعد أن يقّوي مجلس السياحة والضيافة البريطاني، وإعطاء أهمية كبرى للقطاع السياحي من خلال قسم الثقافة والإعلام والرياضة، أما حزب العمل فقد وعد بتشجيع إقامة وانشاء المساحات الخضراء في التخطيط المحلي، وأن يجعلها جزءا من صناعة السياحة المزدهرة، وللعلم فقط أنه ولأول مرة يُعترف بالسياحة والضيافة كمساهم أساسي لخلق فرص العمل والاقتصاد من خلال البيانات الرسمية التي قدمتها الأحزاب الرئيسة هناك.
...وأخيراً، ماذا عسى أن يقّدم هؤلاء النواب الجدد ومن خلال كتلهم الى القطاع السياحي، التجارب من داخل مجلس النواب، وإذا لم تكن هنالك سياسة حكيمة تصلح القطاع من الجذور، فلن يكون هنالك إصلاح أبداً في هذا القطاع. يقول الرئيس الأمريكي الراحل ريتشارد نيكسون (Richard (Nixon « أن أي تغيير سوف يقاوم، وذلك بسبب أن البيروقراطيين لهم مصلحة وفائدة، راسخة ومحققة في هذه الفوضى، والتي هم يعيشون فيها».
[email protected]